يعاني سوقنا العقاري اليوم كثيرا... ليس بسبب أمور اقتصادية أو أي أمور أخرى متعلقة بعرض وطلب، أو بسعر عقار نازل وصاعد.
اليوم السوق يعاني من تلاشي المصداقية، ويعاني من التحايل بشكل مخيف جدا والاستخفاف بالسماسرة، واليوم ايضا افتقرنا في سوقنا إلى الأخلاقيات التي اعتاد عليها الكويتيون في البيع والشراء خصوصا في العقار.
في الحقيقة نستقبل الكثير من الاتصالات في مكتبنا بشكل يومي، سواء من عملاء يرغبون في بيع أو شراء عقار، أو ممن يبحثون عنه.
فإذا كان المتصل يرغب في عرض عقاره بهدف البيع، وبما أننا لا نعلم ما يدور في نفس المتصل، هل فعلا يريد بيع ذلك العقار، أم مجرد يرغب في معرفة سعر عقاره فقط. فبحسن نية نقوم بدورنا بأخذ كافة تفاصيل العقار والتأكد منها، ومن ثم نقوم مباشرة بتسويقه حسب ما نراه مناسبا.
ولكن مع الأسف هناك كثير من أصحاب العقارات لا يستوعبون حجم المجهود، الذي يبذله السمسار لتسويق ذلك العقار، أو كم يصرف السمسار (من جيبه الخاص) لإيجاد المشتري.
فعندما نحصل على المشتري الجاد، نقوم بالاتصال بالبائع (مالك العقار)، ونقدم له السعر الذي وصل إليه عقاره، راغبين في إتمام الصفقة.
ولكن نفاجأ بأن الذي يريد بيع عقاره بالأمس ويلح علينا يوميا، يختفي فجأة ولا يقوم حتى بالرد على المكالمات، أو يكتفي بإرسال رسالة نصية مكتوب فيها «أخوي أنا هونت... ماني بايع عقاري».
من ناحية أخرى، بالنسبة للمشتري، يتردد على المكتب كثيرا للحصول على سعر يرغبه، لشراء عقار معروض لدينا، أو يقوم بالاتصال أيضا بشكل مستمر ويلح بشكل كبير، وعندما نأخذ موافقة البائع، أيضا يختفي ويقول «انا هونت بصراحة».
والأمر المحزن أيضا، أن نجد البائع يخفي على السمسار سلبيات أو مشاكل العقار، على سبيل المثال... لا يذكر وجود النزاعات بين الورثة أو الشركاء في العقار إن وجدت، أو وجود قضايا قائمة.
فيعتقد أن الحل هو الهروب من الواقع، وعرض العقار دون الاكتراث للتبعات الخطيرة، التي ربما تعطل تحويل العقار لسنوات في بعض الأحيان.
سأستشهد بحادثة حقيقية حصلت معي شخصيا، عميل (مشترٍ) استمر في الاتصال طوال فترة الإجازة، ويقوم بالإلحاح لإتمام صفقة بسعر معين، وبعدما حصلت على السعر المطلوب، طلب مني المشتري صورة من وثيقة العقار والبطاقات المدنية للملاك، لعمل شيك مصدق بأسمائهم، وفي يوم الأحد الذي يلي الإجازة، اتصل علي المشتري صباحا، وقال: أنا في طريقي للبنك لعمل الشيك المصدق، وبعدها نحاول التواصل معه ولكن بلا جدوى، وإلى يومنا هذا، لم أر أو أسمع صوت هذا الشخص (اختفى).
من المحزن أن مشتري أو بائع العقار في الكويت، لا يعلم حجم وضخامة مبلغ الصفقة، فأحيانا أشعر وكأنهم يريدون بيع «قلم سعره نصف دينار». وأن قرار البيع والشراء بالإمكان التخلي عنه بكل سهولة.
في النهاية أود أن أقول... إننا فعلا نفتقر اليوم إلى تجار الكويت الحقيقيين، الذين اشتهروا بالأمانة والصدق، واحترام الوعد والكلمة، كما ذكر في المثل الكويتي القديم (بعت بعت... شريت شريت).. لذا أقول لكم «راحت الكلمة».
Instgram&twitter
AlAhmadRealEst@